واشنطن – سعت الولايات المتحدة عبر اجتماع الدول الـ68 لدول التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب إلى توضيح سياستها في منطقة الشرق الأوسط والإجابة عن بعض التساؤلات بشأن وضعية المناطق التي تحرر من قبضة تنظيم داعش وخاصة في سوريا.
وكان التحالف الدولي قد وعد في اجتماع واشنطن بالقضاء على تنظيم داعش وزعيمه أبوبكر البغدادي. وقال وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون إن مقتل البغدادي “مسألة وقت”.
وسعى تيلرسون إلى طمأنة حلفاء بلاده القلقين من سياسة الإدارة الجديدة في منطقة الشرق الأوسط. وأكد في الاجتماع أن “هزيمة تنظيم داعش هو الهدف رقم 1 للولايات المتحدة في المنطقة”.
وانتخب ترامب على أساس برنامج انعزالي في السياسة الخارجية ورفع شعار “أميركا أولا” ويريد زيادة ميزانية الدفاع بنسبة عشرة بالمئة وخفض موارد الدبلوماسية بنسبة 28 بالمئة.
وفي هذا الإطار طلب ترامب من البنتاغون وضع خطة كاملة تهدف إلى تدمير تنظيم داعش و”اجتثاث هذا العدو المقيت من العالم”.
واعتمد البيان الختامي لاجتماع التحالف نفس هذا الخطاب الحربي، حيث أكد أن الدول الأعضاء في التحالف “متحدة في تصميمها على القضاء على هذا التهديد العالمي”.
وفي مستهل الاجتماع قال تيلرسون “لقد قتل تقريبا كل معاوني أبوبكر البغدادي بمن فيهم العقل المدبر لاعتداءات بروكسل وباريس. وان يلقى البغدادي المصير نفسه مسألة وقت”.
وأضاف أن “ما يجمع بيننا اليوم هو التزامنا بهزيمة قوة الشر العالمية وأؤكد على كلمة التزام”، مشددا على أن “نجاح هذه المهمة يعتمد على التفاني لتحقيق هدفنا المتمثل بهزيمة هذا التنظيم”.
وعقد اجتماع التحالف في واشنطن وسط خلافات بين عدد من بلدانه حول الاستراتيجية المناسبة سواء كان في الرقة أو في الموصل، معقل تنظيم داعش في العراق والتي تسعى القوات الحكومية إلى استعادتها.
في سوريا، باتت الرقة “العاصمة” الفعلية للتنظيم شبه معزولة عن العالم بعد أن قطعت قوات عربية وكردية تحارب إلى جانب التحالف كل الطرق المؤدية لها.
ويسعى العسكريون الأميركيون إلى عزل الجهاديين بحيث لا يبقى لديهم معقل سوى في دير الزور في منطقة الفرات (شرق).
وأعلن البنتاغون، يوم الأربعاء، أن المدفعية الأميركية والطيران يساندان عملية لقوات سوريا الديمقراطية، وهي تحالف فصائل عربية وكردية، لاستعادة سد استراتيجي في مدينة الطبقة قرب الرقة.
خلاف أميركي تركي
على مستوى الاستراتيجية يشهد التحالف خلافا بين الولايات المتحدة وتركيا حول القوات التي يجب أن تقود الهجوم النهائي على الرقة.
فتركيا ترفض مشاركة وحدات حماية الشعب، التي تعتبرها مجموعة “إرهابية”، في الهجوم. لكن هذه الوحدات تشكل رأس حربة “قوات سوريا الديمقراطية”، التحالف العربي الكردي، التي يعتبرها البنتاغون الأكثر قدرة على استعادة الرقة بسرعة.
وأحد الخيارات المطروحة هو تسليح قوات حماية الشعب. أما الخيار الآخر الذي قد يلقى قبولا من قبل أنقرة فهو إرسال تعزيزات أميركية لدعم هذه القوات.
كما تنوي وزارة الدفاع الأميركية إرسال ألف جندي إضافي إلى سوريا مما سيضاعف عديد القوات الأميركية الذي يبلغ حاليا 850 عسكريا، في هذا البلد الذي يشهد نزاعا مدمرا منذ 2011.
والتحالف الدولي مطالب بالرد على سؤال يتعلق بمستقبل هذه الأراضي التي ستتم استعادتها في سوريا: حكم ذاتي بشكل أو بآخر أو عودة إلى سيطرة النظام السوري.
وتقدمت القوات السورية التي تتلقى دعما عسكريا روسيا منذ سبتمبر 2015 في شمال البلاد ووصلت إلى مواقع قريبة من منبج المدينة التي حررتها قوات سوريا الديمقراطية.
فرنسا تنتظر
بالنسبة إلى فرنسا فهي تنتظر من الولايات المتحدة أن تحدد موقفها من الوضع في سوريا وتحديدا من سيسيطر عسكريا على الرقة، معقل التنظيم الجهادي في سوريا، وكيف ستحكم هذه المدينة بعد دحر الجهاديين منها.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان-مارك ايرولت “اشعر ان هناك صعوبة في التحكيم. آمل ان لا يستغرق الجواب وقتا طويلا لان الوضع ملحّ”.
والمسألة لا تتعلق بالرقة فقط، فالتحالف مطالب بتوضيح موقفه من وضع عموم الأراضي السورية التي سيتم تحريرها من قبضة الجهاديين، وما إذا كانت ستخضع لحكم ذاتي أم ستعود لسيطرة النظام.
وفي هذه النقطة أدلى تيلرسون بموقف قطعي، مؤكدا “أننا كتحالف لا شأن لنا ببناء وطن أو بإعادة إعمار”. لكن وزير الخارجية الأميركي دعا إلى إقامة “مناطق استقرار مؤقتة بفضل اتفاقات لوقف إطلاق النار من شأنها أن تتيح عودة اللاجئين إلى بلدهم”.
أما في ما يتعلق بالموصل، فقد طلب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الذي استقبله ترامب الاثنين الماضي في البيت الأبيض، “تسريع” المساعدة الأميركية، مجددا المطالبة بـ”القضاء على تنظيم داعش “.
وكانت القوات العراقية المدعومة من التحالف الدولي بدأت في 17 أكتوبر الماضي حملة لاستعادة الموصل، آخر معقل لتنظيم داعش في العراق. وبعدما استعادت الأحياء الشرقية من المدينة في فبراير، تقوم القوات العراقية منذ 19 فبراير بعملية في غرب المدينة.
ويقدر البنتاغون أن تنظيم داعش خسر في المجموع 65 بالمئة من الأراضي التي كان يسيطر عليها في ذروة صعوده في 2014.